منوعات

  محمد مغربي يكتب: ألغاز طوفان الأقصى     – كتاب الرأي

،فى مذكراتها عن حرب أكتوبر 1973، تعترف جولدا مائير، رئيس وزراء الكيان الإسرائيلى حينها، أن أكبر خسائرها كانت سقوط نظرية الأمن الإسرائيلى التى تلخّصت حينها فى شعار «الجيش الذى لا يقهر»، وهى نظرية صُرفت من أجلها ملايين الدولارات، وبحسب محمد حسنين هيكل، فإن هرولة وزير الخارجية الأمريكى حينها هنرى كيسنجر لم يكن سببها استرداد مصر لسيناء قدر أن سقوط النظرية يعنى أن جيوشاً عربية أخرى يمكن أن تقضى على دولة الاحتلال.

6 سنوات كانت كافية لإسقاط الجيش المصرى لنظرية الوهم الإسرائيلى، لكن إسرائيل لم تستسلم بل وعادت مرة أخرى تبنى نظريتها لكن تلك المرة بـ«بروباجندا» أقوى ومليارات الدولارات، مستغلة الانتصارات الهشّة التى تحققها تجاه شعب أعزل مثل الشعب الفلسطينى، ومن يتابع المشهد قبل الـ7 من أكتوبر، يرى أن الكيان الصهيونى ارتكز فى دعايته تلك المرة على قدرته الصارمة على ضبط حدوده الأمنية مع غزة، ومن يعد إلى صحف مثل واشنطن بوست وإندبندنت، يرى ذلك بوضوح.

ويعود ضبط الحدود إلى التقنيات التى استخدمتها إسرائيل، خاصة تقنية «wolf pack»، المخصصة للتعرف على وجوه الفلسطينيين عند نقاط التفتيش وأماكن أخرى فى الضفة الغربية تحددها إسرائيل وفقاً للأهمية، ثم يتم تخزين كل ذلك فى قاعدة بيانات تسمى «cloud database»، لاستخدامها لاحقاً فى تتبع تحركات الفلسطينيين وتحديد التهديدات المحتملة.

وتحتوى تقنية «wolf pack» على ملفات تعريف لجميع الفلسطينيين تقريباً فى الضفة الغربية وقطاع غزة، بما فى ذلك صور الأفراد وتاريخ عائلاتهم وتصنيفهم الأمنى، إضافة إلى تتبع من خلال نظام تتبع «tracking system»، وتوجد تلك القاعدة فى مراكز بيانات جديدة تم إنشاؤها خصيصاً لهذا الغرض بمساعدة شركتى «جوجل» و«أمازون» وبتكلفة وصلت 1.2 مليار دولار. وتنقسم تقنية «wolf pack» إلى ثلاثة أقسام هى:

برنامج white wolf:

هو تطبيق منفصل للهواتف الذكية ويسمى «الذئب الأبيض»، ويستخدمه المستوطنون اليهود فى الضفة الغربية لمسح بطاقة أى هوية فلسطينية قبل أن يسمح لها بالدخول إلى مستوطنة داخل إسرائيل لأى غرض مثل العمل مثلاً، وبمجرد السماح له بالدخول يتم تسجيل ذلك ثم ربطه فى القاعدة الأكبر «وولف باك».

برنامج blue wolf:

هى تقنية مهمتها التقاط صور لوجوه الفلسطينيين وتطابقها مع قاعدة بيانات من الصور واسعة النطاق لدرجة أن أحد الجنود السابقين وصفها بأنها «فيس بوك سرى للفلسطينيين»، ولبناء قاعدة تلك البيانات، تسابق جنود الاحتلال العام الماضى فى تصوير الفلسطينيين، بمن فى ذلك الأطفال وكِبار السن، مع جوائز لأكثر الصور التى تم جمعها من قبل كل وحدة عسكرية إسرائيلية.

برنامج red wolf:

فى عام 2019 أعلنت شركة مايكروسوفت استثمارها مع شركة إسرائيلية كانت تعمل مع الجيش الإسرائيلى لبناء مراقبة ذكية فى الضفة الغربية، وكان الاستثمار حينها يخص تقنية تعرف على الوجوه تسمى «any vision»، لكن فى مايو الماضى أى منذ عام، أعلنت مايكروسوفت انسحابها من هذا الاستثمار، وهو انسحاب لم يؤثر كثيراً، إذ أعلن الجيش الإسرائيلى أن تقنية «any vision» باتت تعمل عند نقاط التفتيش.

وتعمل تلك التقنية من خلال ثلاثة ألوان، فالأحمر لتنبيه الجنود إذا كان هذا الشخص سيتم احتجازه أو اعتقاله، أما الأصفر فيعنى استجواب هذا الشخص وأخيراً الأخضر ويعنى ترك الشخص والسماح له بالمرور.

بهذا النظام الأمنى الصارم، وما صاحبه من دعاية كبيرة مُوّلت بملايين الدولارات، صنعت إسرائيل نظريتها الأمنية خلال العقد الماضى، وكما سقطت نظرية «الجيش الذى لا يقهر» على يد الجيش المصرى فى 6 ساعات، فإن طوفان الأقصى الذى انطلق فى السابع من أكتوبر أسقط أيضاً نظرية الرقابة الصارمة.

نعم، فتقنية «wolf pack» ثبت أنها أكذوبة، إذ لم تتمكن من تسجيل أى معلومة تخص عناصر المقاومة من حماس الذين اقتحموا المستوطنات فى السابع من أكتوبر، بل ولم تتعرف عليهم حتى بعد ذلك، كما تغلب الفلسطينيون بكثرة العدد ما أربك أى تقنية يمكنها التعرف على الوجوه أو كيفية التعامل معها، وهو ما جعل نتنياهو يستشيط غضباً، فعدم تسجيل بيانات المجاهدين يعنى أن العملية يتم تدبيرها منذ وقت طويل دون أن يعرف أحد، وهو ما يعنى أيضاً أن «السنوار» متمكّن فى إخفاء عناصره عن أى مراقبة إسرائيلية.

مفاجآت طوفان الأقصى لم تقتصر على ذلك، فالقبة الحديدية، التى تتغنى بها إسرائيل كونها أحدث أنظمة الدفاع الجوى المتحرك، لم تستطع صد صواريخ القسام الذى يتكلف الصاروخ منها 300 دولار، فيما يتكلف صدّه من قِبل القبة الحديدية 50 ألف دولار، ورغم هذا الفرق الشاسع، فإن القبة الحديدية لم تصد كل الصواريخ خاصة التى تُطلق من مسافات قصيرة وفى زمن أقل من 15 ثانية، وهذا ما أدى إلى انتقادات عالمية لهذه المنظومة.

ربما يتساءل البعض عن سر تلك الوحشية التى تعاملت بها إسرائيل بعد طوفان الأقصى، ورغم أن الوحشية دأب جيش الاحتلال، لكن تكثيف الجرعة تلك المرة نتيجة أن «الضربة الفلسطينية» موجعة، وأكثر الأماكن وجعاً هو أنها أسقطت كل نظريات الأمن الإسرائيلية التى عليها أن تبنى واحدة أخرى حتماً ستنهار يوماً ما، فلا دوام لجيش محتل، ولا فشل لشعب يقاوم.

*استشارى تأمين البيانات والمنشآت


الخبر الاصلي تجدة علي موقع اليوم السابع وقد قام فريق التحرير بنقل الخبر كما هو او ربما تم التعديل علية وجب التنوية عن مصدر الخبر احترما باعدة الحقوق الاصلية لنشر لاصحابها وموقع المنصة الاخبارية لن يتسني لة التحقق من جميع الاخبار المنشورة والمسؤلية تقع علي عاتق ناشريها بالموقع المشار الية سلفا وهو موقع اليوم السابع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى